بدأ
(سعد زغلول) يعمل مع زملائه الثائرين على رفع صوت مصر، وتمثيلها فى مؤتمر
الصلح وعرضوا على المندوب السامى البريطاني مطالب مصر فى الحرية، أصر سعد
على رفع راية الجهاد بحيث تقف الأمة صفا واحدًا، ليقطع على الإنجليز أملهم
فى التفريق بين عنصرى الأمة : "مسلمين ومسيحيين".
ورأى الإنجليز
خطر هذه الحركة الوطنية الواعية فقرروا إخمادها، فألقوا القبض على "سعد"
وثلاثة من صحبه ونفوهم إلى "مالطة"، ولكن هذا النفى كان بمثابة الشَّرارة
التى أشعلت الثورة الكامنة فى نفوس الشعب، فقامت المظاهرات، وقطع الثوار
خطوط المواصلات، واشتركت المرأة فى هذه الحركة الوطنية، وعرضت نفسها لرصاص
الإنجليز، والسجن والتشريد.
وفشلت إنجلترا فى إخماد الثورة
الشعبية، فقررت الإفراج عن سعد وزملائه، فانطلقوا إلى باريس لعرض قضية مصر
على مؤتمر الصلح، إلا أن الدول الكبرى ناصرت حليفتها "بريطانيا" ولم تقل
كلمة الحق!
وقررت بريطانيا إرسال (لجنة ملنر) لتحقق فى أسباب
الثورة المصرية، ومحاولة الوصول إلى حل لا يتعارض مع مصالحها، ولكنها
فشلت، لأنها أعلنت فى الوقت نفسه تمسكها بالحماية على مصر، واصرت على أن
تجعل مهمة اللجنة هى توسيع نطاق الحكم الذاتى، وحماية المصالح البريطانية،
مما دفع إلى ثورة الشعب عليها ومقاطعتها، حتى إنها لم تجد من يفاوضها فى
مصر فرجعت خائبة!
تجددت المظاهرات الشعبية، واشتد عدوان الإنجليز
عليها، فاقتحموا الجامع الأزهر، وفتكوا بعدد كبير من المواطنين، ونفوا
"سعد زغلول" مرة أخرى إلى جزيرة "سيشل" وكل ذلك لم يضعف حركة المقاومة
المصرية، بل نشطت المظاهرات، وقوطعت البضائع الإنجليزية، وأضرب السياسيون
عن تشكيل الوزارة، وكونت الجمعيات السرية المسلحة.
وأمام ثورة الشعب اضطرت بريطانيا إلى إلغاء الحماية عن مصر، وإعلان استقلالها مع الاحتفاظ بالنقاط الآتية :
(أ) تأمين مواصلات بريطانيا.
(ب) حماية الأقليات.
(ج) الدفاع عن مصر ضد أى تدخل أجنبى.
(د) معالجة مسألة السودان فى مفاوضات بين البلدين.